أثيوبيا.. الصومال .. إريتريا ..من كبش العيد؟

أثيوبيا.. الصومال .. إريتريا ..من كبش العيد؟

2006-12-31 00:05:31 UAE

أثيوبيا.. الصومال .. إريتريا ..من كبش العيد؟

بقلم :أحمد إبراهيم

 

ولأول مرة وأنا في الفضاء قُبيل العيد، أخطّ على الورق بجوار عجوز سبعينية وقلمي يستمد وقوده من مناظر السُحب التي تسبح حول الكون لتغطّيه وانأ الغواص فوق تلك السحب أسترقّ السمع لسعال عضال ونبرات صوت خافت لمن في أرذل العمر وهي تهلّل وتسبّح لربها على كل نفس من أنفاسها المتبقية فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

كنت احسد يوما من ينام على ظهر الطائرات نوما عميقا غير مبال بمن حوله وبما فوقه وتحته وبما قد تطبطبها المطبات الهوائية بتراشيح وجه الكابتن الطيار وعضلات سواعده، وبالنوبات القلبية لليقظة من الركاب والنائمين منهم وبالأصحاء منهم والمرضى، أحسده وهو في سبات نومه عميق.! لكنني اكتشفت اليوم، ولأول مرة أن أجمل ما تفعله في الفضاء

وأنت تحلم بالأرض وأهل الأرض هو ان تمسك قلما وقرطاسا وترسم تلك الغيوم والسحب وهي تمر بك وبمقصورتك مرّ السحاب، وهذا ما فعلته هذه المرة والطائرة تسير وفيها الأصحّاء بجوار المرضى وبالشباب بجوار الشيبة وبالطاقم بجوار الركاب والكلّ يتمنى الهبوط على الأرض بسلام.ولكن السن يبدو قد تجاوز مرحلة الرسم والتلوين، فكان للقلم نصيبه مما عاد لذاكرتي من ذلك الأمس من سفراتي في اوائل التسعينيات وانا اتنقل ذات مرة على ظهر الخطوط الاثيوبية بين جيبوتي ودرداوا وأديس أبابا.

يبدو صوت بلال الحبشي مؤذن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مازال يئن في الصحاري الأفريقية، إذ مهما تعنتر الغرب وأتبعه طرزان الشرق بالتقليد، بقيت القارة الأفريقية محافظة على هويتها الإسلامية، وبنفس القدر من التماسك على مر العصور الكسروية والقيصرية منها بالأمس والروسية والأميركية منها اليوم، فسلام على أهل الأرض ونحن في الفضاء وسلام على أهل الأرض ونحن على الأرض، إذ نأمل الأرض ان يسكنها السلام الدائم.

ودويّ صوت بلال المتوارث في أفريقيا، الغريب في أمره انه أينما رُفع صوت الله وسُمع الآذان، تدخلت الأنامل الخفية لتدغدغ الأحشاء سواء كان مصنع الشفاء في السودان او المحاكم الإسلامية في الصومال، ألا يعني ذلك يا أهل الأرض يا من تزينوا بثوب العيد الجديد، أن عدوة الإسلام والمسلمين أيضا مدسوسة بينكم بثوب جديد لكنه متعدد الألوان يتقبل كل الألوان كالحرباء وبالمرصاد لكل الأصوات وبالأخص لدوي صوت بلال، لتدخل وتتدخل أينما أعلن تطبيق حكم الله وسنة رسوله، أو سُمع صوت الله أكبر.

وحلّ علينا العام الجديد 2007 بحلّته الجديدة وأهل الأرض مازالوا بثوب العيد الجديد، وذلك يذكرني بعام 1991 عندما كنت في أديس أبابا، وكانت أصوات أقدام الثوار وبنادقهم تُسمع على بعد سبعين كيلومترا من العاصمة و(منجستو) الرئيس الاثيوبي الأسبق، كان مازال نائما على سرير زوجته في العاصمة،

وأطيح بتمثال لينين أخيرا بوسط أديس وهو نائم ودخل الثوار مداخلها البرية والبحرية وهو نائم، إلا ان أعلن باستقلالية اريتريا بالامتيازات الاستراتيجية للقرن الإفريقي بعد ان سيطرت على الميناءين الرئيسيين وطرد بذلك أثيوبيا من نادي السواحل إذ لم تعد لها روزنة ولا مدخلا ولا شباكا على البحر الأحمر والأبيض والأسود.

ولكن اريتريا رغم كل تلك الانتصارات المسنودة بدعم معنوي ومادي إسلامي عربي لم تحبّذ لنفسها العروبة رسما ولا الإسلام اسما ولا القرآن دستورا، بل سارت تهلل وتطبل لاريتريا العلمانية، واريتريا الصديقة للعرب واليهود والنصارى معا، واريتريا المرحبة بإسرائيل ناهيك عن توجهاتها الاحتفالية تجاه جارتها اليمن، ومسيرتها الجماهيرية المنظمة يوما ما والكلام لصحيفة «الشرق الأوسط» في شوارع مصوُع وهي تهتف: (اريتريا ليست عربية، اريتريا ليست عربية).

ومن الفضاء لم أعد أقلب الصفحة الأولى لروزنامة 2007، وتتصبب في ذاكرتي تلك الدماء العربية الإسلامية في الأرض، من شرقها وغربها وشمالها وجنوبها وبالأخص في القارة الأفريقية، في حين تعرض في القارات الأخرى من نفس الأرض حيث المسلمون قلّة، وحيث العرب متخلفون في نظرهم- تعرض فيها ما شهده عام 2006 من نشاطات

ومنجزات في مجال العلوم والتكنولوجيا وسط تفاؤل إذا كانت تلك المنجزات منهم ولهم وعلينا، وقلق إذا كانت منا ولنا وان لم تكن عليهم كالمنجزات العلمية السلمية التي يقال انها ستولد الطاقة من البحر ومن الرمال ومن الفحم بالمزيد من وسائل المعيشة بالراحة على سكان كوكب الأرض.

لا نريد صومالا آخر متطاحنا بالمليشيات وسماسرة الأسلحة ومفاوضي السلام ومندوبي الأمم المتحدة، ولا نريد اريتريا الرافضة لنفسها الإسلام والعروبة وهي منبت الحضارات للعرب والإسلام وأول مأوى لمهاجري الحبشة، وموطن الأم لمؤذن الرسول سيدنا بلال رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

نريد ان نعيد للمسلمين والعرب في أفريقيا، ومن يتطاحن بينهم اليوم في الأراضي الصومالية على يد الاستعمار الأثيوبي- ان نعيد لهم ولو بالقلب وهو أضعف الإيمان، ان نعيد لهم روح حروب الإسلام الأولى والقادسية وحرب أكتوبر، عندما حول تلاحم الأسود بالأبيض وتآزر العبد الفارسي بالشيخ العربي الهزيمة الى نصر، فحوّلا التخاذل الى حماس، والتقهقر الى انطلاق، وذلك لأنهما وقفا على أقدامهما متحدين واخفقا أصوات التردد والهزيمة بسواعدهما.

كان العبد الحبشي بلال والعجوز الفارسي سلمان يتلاحمان ويصيحان «الله اكبر» لكنه صياح كان ومازال أقوى من القنبلة الذرية الإسرائيلية التي بات يتشدق بها اولمرت اليوم في العلن وهو خائف في الخفاء، اليوم إسرائيل لا تخاف الا من أسماء الأحزاب اللصيقة باسم الله وأميركا لا تخاف الا من نعرات «الله أكبر»، فتصلا أميركا وإسرائيل أينما دوت المنارات بصوت ورثة بلال الحبشي المحمدي، او افترشت الملفات النووية لسلمان الفارسي المحمدي.

نحن بحاجة لإزالة النعرات الطائفية والقومية، ونضع الحبشي والفارسي المسلمين بين صفوف قبائلنا العربية، ونعطيه اسم الصحوة القومية لننتصر على الأزمات الخانقة، وعلى المتاعب التي تنكد علينا الحياة، ونتحرك ولا نتوقف، ونضاعف في سرعة خطواتنا لنقهر كل المعوقات التي تشل الإصلاح، ونصمد في وجه الفراعنة وفي وجه كل متكبّر مارد جبّار عنيد، ونقول لا للتبعية ولا للصمت ونعم وألف نعم للجديد والتجديد.

وما أعلنته مجلة «ميد» البريطانية قبل أسابيع عن ابتكار جديد لسلطنة عمان الشقيقة بالمنطقة لتوليد الطاقة سلميا من الفحم ما هي الا الخطوة الصائبة الأولى على جادة اللا تبعية ونعم للأمام بالاستقلالية وإثبات الوجود باسم الله وبنعرات الله أكبر.

حقّا انها انتفاضة، وحقا اننا اليوم بحاجة لهكذا انتفاضة، وهي جدية العمل ومضاعفة الجهد، وهي ان نؤدي واجباتنا مرتين، مرة لأنفسنا ومرة لنعوض ما فات ونحن كنا اتكاليين في كل شي، حتى في اخراج وتنقيب آبارنا، لاننا كنا دائما نبني في سنوات ما يبنيه غيرنا في شهور، وفي شهور ما يبنيه الآخرون في أيام او أسابيع وذلك لأننا كنا دائما نعتمد على السواعد المعارة والعيون المستعارة التي لا تبكي بحرارة.

دعنا ونحن مسلمون ونحن عرب في إفريقيا نودع «القات» المخدر، وننظمّ للجات GATT المنتج، وان تغير المسمى من الجات العالمي الى الجات الأفريقي الإسلامي، لاننا بالقات نزرع الشلل في أكثر من نصف المجتمع المنتج البنّاء ونحوّله الى من لا يعرف للزمن قيمة ولا للوقت ثمن فيؤجل عمل اليوم للغد لأنه سيشتري القات، او الى بعد غد لانه سيزرع القات، او الى ما بعد غد لانه سيخزّن القات، لكن ذلك الغد لن يأتي أبدا اذا كان عقدة القات مزروعة في أراضينا والزارع يضحك علينا من الفضاء.

نحن أمامنا النهب والسلب في الأراضي الصومالية المسلمة، ولا نعاقب المهمل المتغاضي على الكراسي بيننا ولا نكافئ المجاهد المجتهد في الميدان بينهم، بل ندير ظهورنا وكل واحد منا يقول «انا شلي بهالدوخة في الصومال» او «انا مالي» نحن أمامنا اعتداء جديد على الأرض واختراق جديد للحدود واحتلال جديد لمسجد مؤذن الرسول بالحبشة بعد بابري في آسيا والقدس في المنطقة.

لماذا نعتبره اعتداء على الصومال فقط، لماذا لا نعتبره اعتداء علينا، انه ليس خرقاً للقانون الصومالي الإفريقي وإنما خرق للقانون الإسلامي العربي العالمي، فالذي يتجاوز الإشارة الحمراء للمرور لم يخرق قانون سيارته وركابه وحمولته بل خرق قانوناً من أمامه وخلفه وجواليه، لأنه يعرض الآخرين لفقدان الحياة،

فلا تقولوا لمن يتجاوز الإشارة «انا شيخُصني، خلّ يسوي اللي يبغيه» بل قفوا في وجهه وأقفوه بروح الانتماء بالشارع الذي نحن فيه اليوم او كنا فيه بالأمس او سنكون فيه غدا او بعد غد.دعنا نشعر ولو مرة واحدة ونحن عرب ومسلمون، نشعر بالانتماء الى القرية التي نقيم فيها او الشارع الذي نمر عليه او المصنع الذي نعمل فيه، او التجارب التي ستعطينا المزيد من الطاقة والقوة، فنحن أقوياء بفضل وحدتنا فقط .. فكل سنة وانتم طيبون وأقوياء وعساكم من عواده وانتم طيبون وأقوياء.

تعليقات 1

عبدالهادي - السعودية
قدوم السلامة بمشيئة الله تعالى
(لبيك اللهم لبيك)بهتافات التلبية أزف إليكم التبريكات مؤتزرة إحرام المعايدة التي تسعى بين قلوب المحبين وتطوف حول الأصدقاء معلنة حلول عيد الأضحى المبارك ، ولست أول المهنئين .. لكنني أرقهم كلمة وأصدقهم مشاعر وألطفهم عبارة أنتقي أحرفي بكل إتقان ليس لأنني مبدع الكلمة بل لأنني سأوجهها لمن يستحقها عيدك مبارك وكل عام وأنتم بخير ...
   0 0
أظهر المزيد