قمّة الخليج تتويج لعيد الاتّحاد

قمّة الخليج تتويج لعيد الاتّحاد

 

02:01 2007-11-28

 
 

قمّة الخليج تتويج لعيد الاتّحاد

أحمد إبراهيم

   

 

زفّ إلينا عيد الاتحاد السادس والثلاثون هذه المرة زفّة أفراحه مرتين، إذ جاء متزامناً مع قمّة التعاون الخليجي الثامنة والعشرين، فتوّج المنطقة بتاج الوحدة الإقليمية التي طالما حلم بها أبو الاتحاد فقيدنا الراحل الشيخ زايد رحمه الله الذي طالما ظل يسعى لحلمه مؤمناً بأن “ليس للإنسان إلا ما سعى، وان سعيه سوف يرى”، إلى ان رأى شجرة سعيه مزروعاً على أرض الواقع ثامرا بسباعية الأغصان يقطف ثمارها أبناء الامارات السبع، وظل يحلم بتوسيع رقعتها إلى ثمانية الأغصان وتُساعيتها وان شملت 22 دولة عربية تجمعها الثقافات المشتركة والحضارات المشتركة والسمات المشتركة، حقاً إنها كانت التجربة الوحيدة الفذّة الفريدة التي نجحت على يد أبو الاتحاد وستبقى الأجيال تترنم بتراتيلها وتتغنّى بأناشيدها إلى قيام يوم الدين.

 

بعد 28 سنة من صمود تلك الشجرة الثامرة على أراضي الإمارات السبع كان لتلك التجربة الناجحه صداها يدوي في نفس الأجواء التآزرية وضمن نفس المساقات الوحدوية، وبالاخص على الصعيد الاقتصادي الذي بوادر نجاحه اقوى من أي بادرة أخرى، خاصة في منطقة ميزها الله بالكثير من النعم الطبيعية والازدهارات الاقتصادية، وها هو البيان الختامي عن قمة الخليج في الدوحة يزف إلينا بما يلمّ شمل المنطقة وأبناءها بالمزيد من الوحدة الاقتصادية التي طالما كانت هدفاً تنموياً رئيسياً لدول مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائها: من إقامة سوق مشتركة قبل عام ،2007 إلى إصدار عملة موحدة مع حلول عام ،2010 كما سبق للمجلس ان أقام بنجاح الاتحاد الجمركي عام 2003.

 

وضمن حفل “الدولرة والدرهمة” وان لم يشهد هناك عرس توافقي واضح أو طلاق تخاصمي قاطع، إلا أن الحكمة فاقت كل التوقعات لتقطع السبل على المضاربين أو المقامرين المتلاعبين بالأسعار، حيث كانت العملات الخليجية قد شهدت عمليات بيع كبيرة هوت بقيمتها يوم الاثنين بعدما أدركت الاسواق ان قمة الدوحة لن تقرر بشأن ارتباط العملات الخليجية بالدولار، وكان المتعاملون قد ضاربوا على العملات الخليجية، خاصة الدرهم الاماراتي والريال السعودي، في الايام الماضية متوقعين فك الارتباط ولو جزئياً كما فعلت الكويت.

 

ورغم أهمية القضايا الاقليمية، سياسياً وأمنياً، التي طرحت على قمة دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة، كانت القضايا الاقتصادية هي الأهم، ومنها تحديداً ارتباط عملاتها الوطنية بالدولار الامريكي المتهاوي. ومع أن سعر العملة الامريكية يتراجع منذ نحو عامين، إلا ان الضغوط على مسؤولي السياسة النقدية في الدول الخليجية زادت في الاشهر الأخيرة لاسباب محلية اكثر مما تعلق بسوق صرف العملات، وفي مقدمة تلك الأسباب الرتفاع الكبير في معدلات التضخم، خاصة في الامارات وقطر، وبالتالي تآكل القدرة الشرائية للأسر الخليجية واضطرار القطاع الخاص لزيادة الرواتب والأجور أسوة بالزيادات في القطاع العام.

 

أما بالنسبة لسعر صرف العملات الخليجية عموماً، وتأثيره في مؤشرات الاقتصاد الكلي في دول مجلس التعاون، فلم يؤد الارتباط بالدولار إلى مخاطر كبيرة حتى الآن، فالمصدر الرئيسي للدخل القومي هو من عائدات النفط، المسعر بالدولار، كما ان الصادرات الخليجية مقومة بالدولار، أضف إلى ذلك أن معظم تعاملات قطاع المصارف في الخليج تتم بالدولار، ومن ثم توفر كثيراً من كلفة التعاملات التي تزداد في حال التعامل بعملة ثالثة يتم التحويل اليها فجأة.

 

إنها قضايا اقتصادية يفهم ابعادها المتخصصون أكثر. لا أحبذ تجاوز حدودي اكثر من ذلك، فدعني أعيد القارئ إلى حيث ما بدأت منه، عن تجربة الاتحاد الاماراتية الناجحة، فلحق به التعاون الخليجي الناجح، وذلك يسوقني إلى بداية الثمانينات عندما كنت اقرأ بانتظام مذكرات الأستاذ محمود رياض الامين العام الأسبق للجامعة العربية، وكان الأستاذ رياض متشائماً جداً، إذ أوقفتني احدى فقراته المتشائمة عن الوحدة العربية، بما معنى وبتصرف “انني اقتنعت بعد ثلاثين سنة من الجهود المضنية ان مجرد التفكير في إقامة كيان عربي موحد تجمعها الحدود الجغرافية الموحدة والعملة الموحدة والجوازات الموحدة، ان مجرد التفكير في مثل هذه التصورات هو مجرد ضياع للوقت”.

 

واليوم أرى نفسي كمواطن إماراتي عادي، أمام التجربة الإماراتية التي قد تعيد الوقت الضائع للجيل السابق، كما لا أوافق الجيل الحاضر على من ينظر يمنة ويسرة في الوطن العربي الجميل، ثم يقول “زفت، كل شي زفت”، لأنه لاينظر للوطن الجميل قدر ما ينظر لنفسه، الوطن جميل واسع باتساع الرقعة الخضراء والزرقاء للماء واليابسة. قد تكون هناك بقع سوداء تبحث عمن يزيلها بمنديل التفاؤل، لا أن نزيدها ونضاعف عددها ونشوه جمالها بمسمار التشاؤم.

 

ومن التفاؤل أتأمل في هذا التزامن الجميل والاندماج السليل لعيد الاتحاد الإماراتي مع قمة التعاون  الخليجي، ليسعد المستظلين بشجرة الوحدة الخليجية خليجياً، وعلى الجانب الآخر من الوادي أيضاً تزامن بمعظم البلدان الأوروبية تحضير شجرة الحب لعيد الكرمساس الذي نرجوه أن يوسع رقعة الحب هذه المرة عالمياً ومحلياً وعربياً وإسلامياً

 

*كاتب إماراتي

ui@eim.ae

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات 0

لم يتم العثور على تعليقات