أوباما والتغيير في البيت الأبيض ...

أوباما والتغيير في البيت الأبيض ...

 

02:02 2007-12-26

 
 

أوباما والتغيير في البيت الأبيض ...

أحمد إبراهيم

   

 

هل يدخل اللون الأسود بيتاً حصانته الألوان، وعنوانه “البيت الأبيض”؟

 

قبل الاجابة عن هذا السؤال، دعنا نطرح سؤالا آخر: هل نحن بحاجة لأن نعرف من هم أبطال لعبة كراسي الانتخابات الأمريكية، التي قد توصل أي مرشح إلى كرسي الرئاسة ليحكم ولو بحزام “الكاوبوي الهوليوودي”؟

 

والإجابة (لا)، طبعاً لسنا بحاجة إلى هذه المعلومة، لأن أبطال لعبة الكراسي مكشوفون على المسرح العالمي منذ اليوم الأول للترشيح، وإنما علينا أن نعرف من يدير الموسيقا من وراء الستار ثم يوقفها فجأة؟ ومن يشعل الأنوار من وراء الكواليس ثم يطفئها فجأة؟

 

وبتعبير أدق علينا أن نعرف من يتحكم في الأزرار؟ الديمقراطيون والجمهوريون؟ أم دولة مؤسسات؟ أم مجلس الشيوخ؟ أم لا هذا وذاك وإنما اللوبي الصهيوني الأمريكي الذي يتحكم في هذا وذاك؟

 

لا يزيد عدد سكان أمريكا على عدد سكان العالم العربي حسب آخر تقرير، فالولايات المتحدة الأمريكية بلغ عدد سكانها 300 مليون نسمة، بينما تجاوز سكان العالم العربي حسب إحصائيات 2006 ثلاثمائة واثني عشرة مليوناً، وتتفوق كل من الصين والهند على أمريكا ب 31.1 مليار نسمة، و11.1 مليار نسمة على التوالي، لكن ما ساند الولايات المتحدة أنها تُرزق بمولود جديد كل سبع ثوان، وتفقد شخصاً كل (13) ثانية، ويدخلها مهاجر جديد كل 30 ثانية، والحاصل من الجمع والطرح هو أن الولايات المتحدة تزيد كل 10 ثوان شخصاً جديداً، ورغم ذلك فقوة أمريكا وعظمتها ليستا في عدد سكانها، وإنما في إعطائها المجال للعقول المهاجرة إليها كي تنتج وتبدع بهوية أمريكية.. وهذا ما قصدته في مقالي الأسبوع الماضي بعنوان “عام 2008 القاطرة الاقتصادية تتحرك”.

 

“أوباما” يحمل الاسم نفسه الذي كان يحمله والده (حسين أوباما) المولود في كينيا وعمل في رعاية الماعز، وكان مسلما، لكنه حصل على منحة دراسية في هاواي، حيث التقى فيها بزوجته المولودة في كنساس (والدة أوباما) والتي انتقلت مع والديها إلى هونولولو. فإذا فاز أوباما فلربما يكون أول رئيس أمريكي من أصل مسلم ، كما أنه سيكون خامس أمريكي أسود يدخل مجلس الشيوخ، والأسود الوحيد بين المائة من البيض والحمر لذلك المجلس الذي طبّل دائماً بالقيم الديمقراطية الأمريكية، بزعم أنها قائمة بالاعتماد على النفس والعصامية في الشعارات، لكن الولايات المتحدة طبقت عكس ذلك تماماً في التنفيذ.

 

نرحب بأوباما متفائلين في كونه شخصية لا عنصرية عانت ولا تزال تعاني مثل بقية بني جلدتها من العنصرية، ونتفاءل بالتنوع الثقافي الذي يمثله أوباما يوم كان صغيراً يحبو بين الحضارتين (الإسلامية المسالمة والمسيحية السمحة) إلى أن حصل والده على فرصة للدراسة في جامعة هارفارد العريقة، عندما كانت الأسرة لم تكن تملك المال الكافي، فعاد وحيداً إلى كينيا وعمل خبيراً اقتصادياً للحكومة الكينية، ثم انفصل عن زوجته.

 

لكن الطفل الطموح عندما بلغ عامه السادس، تزوجت أمه من مدير إندونيسي لإحدى شركات النفط، وانتقلت الأسرة إلى جاكرتا، ولم يعش هناك أكثر من أربع سنوات ثم عاد بعدها إلى هاواي، ليعيش مع جده لأمه وذهب إلى المدرسة، واتجه إلى دراسة العلوم السياسية في جامعة كولومبيا بنيويورك، ثم انتقل بعد ذلك للعيش في شيكاغو، حيث أمضى ثلاث سنوات في العمل كمنظم للمجتمع، وفي عام 1988. ذهب أوباما للدراسة في جامعة هارفارد لدراسة القانون، وهناك أصبح أول أسود يتولى رئاسة قسم القانون في كلية القانون بجامعة هارفارد.

 

وبعد هارفارد، عاد أوباما مرة أخرى إلى شيكاغو، حيث عمل في مجال قوانين حقوق الإنسان، ورفض العمل في شركات المحاماة الكبرى ليبقى مدافعاً عن ضحايا التفرقة، وتزوج من ميشيل وهي محامية مثله، ولديه الآن بنتان صغيرتان، ولا يزال يعمل في المحاماة، كما أنه يلقي بعض المحاضرات في كلية القانون في جامعة شيكاغو، وهي المحاضرات التي يقول عنها إنها تبقيه حاضراً لصيقاً بالأحداث، وكان من أوائل المناهضين للحرب على العراق التي كان جورج دبليو بوش يدق طبولها فوق بغداد في مارس/ آذار 2003.

 

“التغيير” شعار أوباما يثير الإعجاب، وهذا يعني أنه قرر تغيير سياسة أمريكا وكونه رجل القانون وأكاديمي مهني يستخدم كلمة “التغيير” كشعار لحملته الانتخابية، يدعونا إلى التفاؤل بغض النظر عن فوزه أو خسارته لأنه سيأتي لتطبيق قواعد اللعبة الجديدة، لعبة العدالة والمساواة في مجتمعاتنا التي عانت دائماً من الانحياز الأمريكي ل “إسرائيل”. وآخر تلك الانحيازات هي الزيارة المرتقبة للرئيس بوش إلى المنطقة مع إشهار انحيازه إلى اللون الأحمر (الدم) وتفضيله على كل ألوان المنطقة، حيث سيبدأ زيارته أولاً ب “إسرائيل” الشبقة للدم، وكان آخرها دماء 4 فلسطينيين سقطوا في غارة على غزة بالتزامن مع وعيد أولمرت بالتصعيد.

 

وقد كرر بوش انحيازه للكيان عندما “شرّع” المستوطنات، في حين كانت سيارات الإسعاف تنقل ثلاث جثث من المدنيين في مخيم البريج للاجئين بوسط غزة وهم امرأة وشاب وطفل، بالإضافة إلى 34 جريحاً فلسطينياً على الأقل بينهم أربع نساء وسبعة أطفال.

 

التغيير المرجو من “أوباما” إذا جلس في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض أن يحقق التغيير الذي يدعو إليه، خصوصاً التغيير السياسي في نهج الإدارة الأمريكية تجاه العرب وقضاياهم، إذ ليس أسوأ من أن يشعر شعب بالظلم والعنصرية والانحياز الذي طال مداه على يد الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي وقف دائماً في خندق واحد مع الصهاينة وضد الحقوق العربية.

 

* كاتب إماراتي

ui@eim.ae

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات 0

لم يتم العثور على تعليقات