عن بلير وساركوزي وزيارتيهما لمصر ...

عن بلير وساركوزي وزيارتيهما لمصر ...

  2007-04-18     
 

عن بلير وساركوزي وزيارتيهما لمصر ...

أحمد إبراهيم

   

 

شموع أربع تفصلنا عن شمعة الظلام التي ستُطفأ بعد خمسة أيام اعتبارا من اليوم، حيث  قبيل منتصف ليلة الاثنين المقبل سيرفع إعلانان في وقت واحد وبفارق دقيقة واحدة: إعلان عن الدفن، وإعلان آخر عن الولادة.

 

الأول يوارى الثرى، والثاني يعلن ولادة عام 2008

 

اذا كانت المنظمة الدولية للطيران المدني قد ذكرت ضمن احصائياتها الحولية عن 2007 ان عدد المسافرين في هذا العام بلغ 2،2 مليار شخص، دعنا نذكّر هذه المنظمة الموقرة بألاّ تُسقط عن القائمة سهواً اسمين لامعين عزما الانضمام معا الى قائمة مسافري عام 2007 وهما: رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير والرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي اللذان قررا معا الانضمام الى قائمة 2،2 مليار مسافر، وليرشفا معا آخر قطرات كوكتيل دقيقتي الظلام والإثارة، لكن ليس في قصور لندن أو باريس، وإنما على ضفاف النيل في قلب الوطن العربي، حيث سيمضيان عطلة ليلة رأس السنة في  مدينة “الأقصر” جنوب مصر في ليلتي 30 و 31 من ديسمبر/كانون الأول الجاري.

 

قالت مصادر بالمجلس الأعلى لمدينة الأقصر (جنوب مصر)، إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، سيتجول سائحا ويغوص في أعماق تاريخ مصر ليومين يقضيهما في صحبة ملوك وملكات الفراعنة، ومعه صديقته المغنية الإيطالية وعارضة الأزياء (كارلا بروني)، ومن باريس أكدت الرئاسة الفرنسية أن ساركوزي سيقوم بزيارة رسمية في 30 و31 ديسمبر/كانون الأول الجاري إلى مصر، حيث سيجري محادثات مع نظيره المصري حسني مبارك، كما أعلن الناطق باسم الرئاسة دافيد مارتينون في لقائه الأسبوعي مع الصحافيين، ان ساركوزي فعلا سيكون الأحد والاثنين 30 و31 ديسمبر على ضفاف النيل مؤكدا انه “مرتاح كثيرا لتلك الزيارة واللقاء المتوقع مع الرئيس حسني مبارك”.

 

من جهة أخرى، قالت مصادر مصرية إن توني بلير الذي تحول عن ديانته للتو من المذهب الانغليكاني الى المذهب الكاثوليكي، سيزور مصر (الأقصر) في الفترة نفسها في إطار رحلة لقضاء إجازة أعياد الميلاد. يذكر أن بلير اعتاد خلال السنوات الأخيرة، قضاء عطلة أعياد الميلاد في مصر، سواء في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر، أو وسط معالم مصر الأثرية، حيث اعتادت المدن السياحية بمصر استقبال قادة ورؤساء الدول خلال أعياد رأس السنة من كل عام.

 

نقول لساركوزي وبلير مرحباً بكما في مصر العروبة ومصر المسيحية والإسلام، مصر الأمن والسلام كما نقول لأهل مصر في نفس الوقت “حاسب يابن النيل انهما في مصر”، عاملوهما كضيفين كريمين، واكرموا وفادتهما، كعادة أهل مصر في استقبال الضيوف وتكريمهم حتى لا تتهموا بما لستم انتم عليه، خصوصاً ان التهم جاهزة بحق العرب والمسلمين، وتنتظر اي خطأ يصدر من هنا أو هناك، خصوصاً ان بلير تحول إلى الكاثوليكية حيث قال متحدث باسم الفاتيكان: إن شخصية قيادية مثل بلير تقرر الانضمام للكنيسة الكاثوليكية لا تبعث الا على السعادة والاحترام، وذلك بعد ان كشف الفاتيكان يوم الجمعة الماضي في صلاة ترأسها الكاردينال كورماك ميرفي أوكونر، بأن بلير انتظم في حضور القداس بالكنيسة مع اسرته وعلى مدى الشهور القليلة الماضية، وكان يتبع برنامج تنشئة وتكوين يستعد به للاندماج كلية مع مجتمع مذهبه الجديد. ويأتي تحول بلير الى الكاثوليكية بعد تكهنات دامت سنوات حول امكانية تركه للمذهب الانجليكاني في اعقاب استقالته من منصبه كرئيس للوزراء في يونيو/ حزيران الماضي، وكان من بين آخر المهام التى قام بها بلير قبل ترك المنصب هو زيارته لبابا الفاتيكان بنديكتوس، في ثالث زيارة من نوعها له خلال اربع سنوات.

 

كان بلير قد أقر اكثر من مرة بأن معتقداته الدينية لعبت دورا مهما في قراراته أثناء توليه رئاسة الحكومة على مدى عشر سنوات، إذ قال مرة انه “اذا كنت أحد عناصر النظام السياسي الأمريكي، أو أي نظام آخر، فبإمكانك الحديث عن الانتماء الديني، وسيقول الناس ان هذا أمر مقبول، أما اذا تحدثت عن ذلك وانت ضمن نظامنا السياسي فسيظنك الناس منفراً غريب الاطوار”.

 

يذكر ان شيري زوجة بلير وأطفاله كانوا بالفعل من اتباع المذهب الكاثوليكي عندما كان رئيسا للوزراء، لكن يبدو أنهم اختاروا مصر مقرا لطقوسهم في حفلات الميلاد وليلة رأس السنة، نظراً لما تمثله مصر من موقع روحي وتاريخي فريد. لذلك ندعو أهل مصر لأخذ ذلك في الاعتبار.

 

وساركوزي ايضا كان قد أمضى عطلة نهاية السنة في أسوان عام 2003 عندما كان وزيراً للداخلية، على غرار ما كان يفعله الرئيس الراحل فرنسوا ميتران الذي كان أمضى هناك أعياد رأس السنة عام 1995 قبيل وفاته، وكان ميتران يزور أسوان كل سنة خلال فصل الشتاء الى ان توفي في الثامن من يناير/ كانون الثاني 1996 بعد عودته من آخر زياراته لأسوان برفقة زوجته دانيال وابنته مازارين.

 

ساركوزي وبلير هما من بين أكثر القادة الأوروبيين انشغالاً بقضايا العرب، واكثر من اشغلا العرب بسياساتهما الممالئة لجورج دبليو بوش. فتوني بلير كان يرسل الطائرات الحربية البريطانية لدك بغداد وفتح مطارات بلاده للطائرات الأمريكية التي كانت تنقل القنابل للكيان خلال عدوان تموز 2006 على لبنان، ثم أتبعه ساركوزي برحلاته المكوكية بين الدول العربية  وواشنطن، حيث انشغل بالعالم العربي اكثر من انشغاله بفرنسا، بدءا من قضية البلغاريات في ليبيا، وصولاً إلى الجزائر والمغرب وتونس ولبنان والعراق وايران.

 

لذا، وبما أنهما يحطان أهلاً ويطآن سهلاً في أرض مصر، فإن لدى العرب سؤالاً: ما الجديد الذي تحملانه للعرب؟

 

هل تملكان عصا سحرية تجبران فيها “إسرائيل” على الامتثال للشرعية الدولية، ووقف مشاريعها الاستيطانية الشيطانية.؟ وهل في جعبتيكما شمعة تضيء الساحات العربية القاتمة في ليلة رأس السنة؟

* كاتب من الإمارات

ui@eim.ae

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات 0

لم يتم العثور على تعليقات