عيد الحب.. وعساكم من عوّاده

عيد الحب.. وعساكم من عوّاده

2006-12-24 00:05:28 UAE

عيد الحب.. وعساكم من عوّاده

بقلم :أحمد إبراهيم

قبل أربعة آلاف سنة، احتفل أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام بعيد الحب، إذ أحب ربه حبا جمّا بذبح ابنه قربانا لهذا الحب، فتقبل الله منه هذا القربان العظيم وأفداه بكبش وصفه أيضا بذبح عظيم، وأراد الله بذلك انه يسنّ قانون دم الحيوان المباح قربانا لدم الانسان المستباح.أيام وسنحتفل بعيد، وأيام ونحتفل بعيد آخر، وبعيد آخر وآخر: إذ على الأبواب أعياد تلو الأعياد.

عيد الأضحى المبارك للمسلمين وعيد «ميري كرسميس» للمسيحيين، ثم عيد الحب «هبّي فلنتاين» للعشاق والمحبين عليهم (...)، وعيد الظلام: بحفل توديع آخر دقيقة من عام 2006، وعيد الأضواء بحفل توقيع على أول دقيقة لعام2007 يتبعه نهاره رأس السنة الجديدة، ثم عيد أول يوم عمل ثم وثم.

وبذلك لعل هناك أعيادا وطقوسا أخرى لجميع معتنقي الأديان السماوية وغير السماوية من القاطنين بسلام على كوكب الأرض الجميل، وكلها حفلات جميلة نحترمها أكان المحتفل مسلما او يهوديا او نصرانيا، طالما يعيش بسلام بيننا فنحييه بالسلام عليكم اذا التقينا به ونودعه بالسلام، لأن الانسان الذي يعيش بجوارك يكون مسالما وان كان غير مسلم فما هو بين يديك الا تحفة السلام ولأنه إما اخوك في الدين او نظيرك في الإنسانية، أو هكذا وُصف الانسان على لسان سيد البلغاء خليفة المسلمين الإمام علي بن أبي طالب.

وكما يجمع عيد الاضحى كل عام ما يفوق على ثلاثة ملايين من المؤمنين بنبوءة خاتم الأنبياء عليه السلام، في البيت العتيق، كذلك نستطيع ان نجمع ثلاثة مليارات من المؤمنين بنبوة أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام في بيت جديد، إذ بمقدورنا ان نحتفل كل عام بعيد يجمع فيه المسلم بجوار المسيح واليهود على انهم متفقون على نبوة إبراهيم.

وليكن ذلك العيد هو عيد السلام نحتفل به كل عام، أو فلنسمه كما يحلو للبعض (عيد الأرض )او (الأرض بالسلام) او الاثنان معا اي الأرض والسلام. وكان النبي ابراهيم هو اول من قال: «نعم» و «لا» في وقت واحد، كما كان هو أول من حطّم وبنى في آن واحد:

إذ قال للكوكب لا، ثم قال للقمر لا، ثم قال للشمس لا وان كان أكبر، ثم قال لنمرود لا وان كان ملكا، ثم قال لآذر لا وان كان عمّا وأبا، ثم غير لاءاته بنعم واحد لله الواحد القهار، ليؤمن به كل الموحدين من حملة الكتب السماوية إلى اليوم وإلى قيام يوم الدين.

وجاء إبراهيم ليحطّم ويبني في وقت واحد، إذ حطّم الأصنام، وبنى البيت العتيق، الذي يتوجه نحوه اليوم ما يزيد على مليار مسلم خمس مرات في اليوم ليقولوا نعم للنعم الإبراهيمي ويقولوا لا للاءاته، فنعم للواحد الاحد ولا لكل الأصنام المتفرقة المكشوفة منها والمستورة، لا لكل متكبّر جبار.

فهل نستطيع اليوم ان نجمع كل القائلين بلاءات إبراهيم ونعماته على ترنيمة الوفاق دون الشقاق؟

وفي مبادرة فريدة يُشكر عليها جامعة هارفارد عام 2004، تستهدف توحيد أصحاب الديانات الثلاث اقترحت الجامعة مشروع مسار الحج الإبراهيمي، بدعم من تفاوض دولي في كلية الحقوق وبمشاركة عالمية لباحثين ورجال دين وأعمال واجتماع و السياحة والمبادرة حسب مطلقيها تؤدي: إلى افتتاح مسار يقطع على الأقدام يسلك مواقع ثقافية، دينية، سياحية، بتتبع خطى النبي إبراهيم عليه السلام منذ أكثر من أربعة آلاف عام.

والمسار الإبراهيمي هو الطريق الطويلة التي قطعها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام نحو أرض كنعان، بعد أن سمع نداء ربه فانطلق عابرا عدة بلدان برسالته، وأهل الكتاب متفقون على أن النبي إبراهيم انطلق في رحلته التاريخية من أور الكلدانية، جنوب نهر الفرات (في العراق حاليا).

وسار بمحاذاة النهر متجهاً إلى حاران (في تركيا)، ثم إلى سوريا فأرض كنعان (فلسطين) ومنها إلى مصر، والعودة من مصر مرة أخرى إلى فلسطين. إذ البدء كان بفلسطين والعودة كانت لفلسطين، وهي خطوة إبراهيميه تحثنا اليوم على ان نكرر (لآءات) إبراهيم في وجه الصهاينة المعتدين بالحرم الإبراهيمي ونكرر (نعماته) للفلسطينين المقاومين لكن ودون إراقة الدماء بين حماس وفتح.

وهكذا المسار لو تم كما نحلم به ولو مرة واحدة فإنه يجمع أبناء هابيل وقابيل دون السيوف بينهما على مواقع تاريخية ودينية مهمة في قلب الشرق الأوسط، انطلاقاً من آثار حران في تركيا (حيث يشير التقليد الديني إلى أن إبراهيم عليه السلام سمع نداء الله سبحانه وتعالى، لأول مرة) وصولاً إلى قبره وقبور أبنائه وزوجاته في مدينة الخليل الفلسطينية.

علما بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عمدت إلى تقسيم الحرم الإبراهيمي المقام على ما يعتقد أنها قبور العائلة الإبراهيمية بين المسلمين واليهود، وقتل العديد من الفلسطينيين فيه منذ يونيو 1967، برصاص الجنود والمستوطنين، وارتكب صهيوني متطرف مجزرة بالعشرات داخل الحرم الإبراهيمي قبل 12 عاما. وسيكون المسار بطول 1100 كلم، ويمر بسوريا (بمحاذاة نهر الفرات وحلب ودمشق) والأردن وإسرائيل وفلسطين، حيث يصل الى القدس وينتهي في مقام إبراهيم عليه السلام في مدينة الخليل.

وكالمهرجانات والمعارض الجالبة للشعوب وفعالياتها الاقتصادية، كذلك هكذا المسار قد توجّد مجموعة من المواقع التاريخية المعروفة عالميا، مثل الحرم القدسي الشريف الذي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وكنيسة القيامة بالقدس.

وكنيسة المهد بمدينة بيت لحم، والجامع الأموي في دمشق، وقد يفتح المسار مسارات عالمية اخرى دون التحيّز لمذهب او عقيدة، كمسار الكامينو دي كومبوستيلا في إسبانيا، أو الرحلة من مكة إلى المدينة في السعودية، أو مسار لويس وكلارك تريل في الولايات المتحدة الأميركية، او الزائرين للعتبات المقدسة من النيل للفرات.

يقال ان جامعة هارفارد قامت بدراسة هذه الفكرة (مسار الحج الإبراهيمي) قبل نحو عامين، بتشكيل شبكة واسعة من العلاقات في الشرق الأوسط والعالم، بما فيها لجان ضيافة محلية في سوريا وتركيا، وتلقت دعما من حكومتي الأردن ولبنان، وتم تشكيل فريق أساسي للعمل.

وفي أكتوبر 2005، عقد في حران اجتماع ضم باحثين وزعماء دينيين من تركيا وسوريا وباكستان والبرازيل والولايات المتحدة لمناقشة الخطة وشكلت لجان داعمة في بعض الدول التي سيمر فيها، ويجري العمل على تشكيل لجان أخرى ستعمل بدعم من المكتب التنسيقي للجامعة.

وحسب الخطة الموضوعة سيتم افتتاح ثلاثة مقاطع قصيرة من المسار في العام المقبل بمشاركة محلية وإقليمية ودولية، وتستمر في نفس الوقت أعمال مسح طريق المسار جغرافيا. وفي الخريف نظمت رحلة على طول المسار لوفد من الباحثين، وصلوا الى الأراضي الفلسطينية في منتصف شهر (نوفمبر) الماضي والتقوا مع شخصيات فلسطينية للتباحث في المشروع. وافتتح اللقاء، مسؤول الوفد المبادر وعرف بنفسه على انه أميركي الجنسية.

وقدم اعتذارا عن سياسة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط، وقال ان المبادرة تهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان السماوية الثلاثة، والترويج للتراث الثقافي في المنطقة، وسيعزز التفاهم والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية، ويحقق العدالة ويصون الحقوق، على انها مبادرة غير سياسية وغير منحازة تؤكد على احترام كل الشعوب.

كما ويعتمد المشروع من الاساس على التبرعات، وان دور إسرائيل مثل أي دولة أخرى يمر بها المسار، وان كثيرا من الناس، من دول مختلفة، يقفون خلف المبادرة، ورغم ان العراق أولى بهذا المشروع إلا ان العراق هي الدولة الوحيدة المستبعدة منه لأسباب سامح الله مسببيها.

واما في البيت الداخلي فهل يمكن ان يتحول الشارع العراقي دون إراقة الدماء وشوارع بيروت دون النعرات الطائفية وهل يتحمس حماس لفتوحات فتح، ويفتح الفتح ابواب التصالح لمتحمسي حماس نحو قدس السلام.؟ ودون ان يتكرر سيناريو هابيل وقابيل في غزة وبيروت وبغداد من جديد؟

وهل آن الأوان بالعيد ان نقول (لا) لدم الانسان مقابل (نعم) بدم الحيوان، ونجعل الكبش فداء عن ابنائنا كما فعله أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام عن ابنه اسماعيل، وننقذ بدم الحيوان المباح دم الانسان المستباح في الوطن الجريح ؟

تحياتي من الرباط وعساكم من عواده.

تعليقات 1

عبدالهادي - السعودية
العيد عيدين
تحية طيبة أبعثها بكل الحب والصفاء ممزوجتاً بعبق الفّل والياسمين الى شخصكم الكريم داعين المولى عز وجل ان يحفظكم برعايته وعنايته في هذه السنه وفي كل سنه آمين رب العالمين .
   0 0
أظهر المزيد