ما الجديد في «الدوحة» اليوم ؟

ما الجديد في «الدوحة» اليوم ؟

 2006-10-29 00:06:04 UAE

ما الجديد في «الدوحة» اليوم ؟

بقلم :أحمد إبراهيم

قلم يرتعش بين أنامل حامله خوفا من (المشي) بتهوّر، وقلم يجفّ حبره بين أنامل حامله من (الجري) بحماس، هذان القلمان، الماشي والجاري او (المرتعش) خوفا و (المتهوّر) حماسا، ماذا جلبا وسيجلبان للكاتب وموطنه من جديد في مؤتمر الدوحة حول «الديمقراطيات الجديدة» اليوم؟

وأعني باليوم هو اليوم الحقيقي الذي امام «روزنامتك» أيها القارئ العزيز الآن وأنت تتصفّح الصحف صباح اليوم (الأحد الموافق 29/أكتوبر) لضالّتك بين ما أملته أقلام الكتّاب على الصفحات حتى السويعات ما قبل الطبع الأخيرة لتلك الصفحات من ليلة أمس .. فيا ترى ما الجديد في المنطقة صباح اليوم، وهل الجديد وكل الجديد هو أن إسرائيلية توجد في المنطقة صباح اليوم؟ وليست أية إسرائيلية، وإنما هي الوزيرة «تسيبي ليفني» التي تزور للمرة الأولى قطر.!

بعد آخر زيارة لوزير قبلها بخمس سنوات حين شارك «روني ميلو» وزير التعاون والبيئة الإسرائيلي لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة عام 2001،لكن هل نصدق إنها أول إسرائيلية دخلت المنطقة؟ .. نعم إنها الأولى التي دخلت علنا، وبهذه الضخامة من الشكل والمضمون جسميا وإعلاميا، لكنها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ..!

فمنذ تفكك الاتحاد السوفييتي تُنشر في روسيا وجمهورياتها السابقة و في معظم بلدان أوروبا الشرقية الفقيرة إعلانات شواغر لبنات التوابل كسكرتيرات حسناوات، أو موظفات استقبال حسنات المظهر، أو مندوبات مبيعات مشاغبات، أو حتى جرسونات مثيرات للزبائن شرط أن تكون الأعمار تحت العشرين، لتصطف على أبواب المعلنين طابورالمراهقات تحت العشرين وأكثرهن طالبات المراحل المتوسطة والثانوية والسنوات الجامعية الأولى.

لكن ماذا تستهدف هذه الإعلانات؟ واللغز كشفته إحدى الصحف الآسيوية قبل أيام، إن هذه التجارة لا هي الأولى التي تستهدف أعضاء الأموات من البشر ولا هي الثانية التي تستهدف أعضاء الأحياء من الجنس اللطيف، قدر ما هي تستهدف الرفق بالتجارة إن صح التعبير ورقّية التجّار في عالمنا العربي حيث يسيل لعاب الرجل لابتسامات الحسناوات وتذوب لهنّ القلوب قبل فتح العقول.

وتؤكد المعلومات الموثقة، أن البنات يتم جلبهن إلى إسرائيل لتصنيفهن في خانات الفئة الخمس والأربع والثلاث النجوم، حسب المواهب والمهارات والكفاءات حيث تترشح الشريحة الخمس نجوم للالتحاق بمعاهد تعليم وتدريب التجسس ليتخرجن بدبلومات (رقمية لا ورقية) متخصصة في تسجيل الأصوات واستخدام الكاميرات الخفية وتصوير الأفلام، وينلن شرف عضوية الموساد خارج إسرائيل.

وأهم التدريبات يتلقين تلك الناعمات الجميلات بالمظهر والخطيرات بالجوهر، والحنونات بالصوت والخادشات بالمخالب، والحريريات بالشفايف والسليطات باللسان، هي تتحدث اللغة العربية بطلاقة وبلهجات محلية تتوافق من مطار لمطار ومن حارة لحارة ومن شارع لشارع ومن الخليج إلى المحيط.

أما الفئات الأخرى من تلك البنات المهربة إلى تل أبيب غير المتكافئة بفئة خمس نجوم الموسادية، فنصيبهن الدرجة الرابعة والثالثة والثانية من الخانات، ليُستخدمن بين الأحياء والمدن والأرياف والقرى داخل إسرائيل، مقابل الماء والكلأ للمطيعات والتعذيب والتجويع للمتمردات منهن.

ورغم أن قوانين الإقامة صارمة في إسرائيل للأجانب، إلا أن أجساد النصف عاريات لمراهقات جبال الثلوج المهربات من روسيا البيضاء والجمهوريات السوفييتية السابقة وأوروبا الشرقية في غطاء الشواغر والسكرتيرات لا يخضعن لهذا القانون الصارم.

وهن يصطففن صفوفا متراصّة على أبواب الأندية الليلية بتل أبيب، لدرجة أن بعض المتذمرين من المستوطنين اليهود يطلق عليهن ألقابا متعددة منها «خيول الجبل، أو هليل الخيل، أو لبيب الليل» ولهن حصانة التغاضي عن تصرفاتهن برشاوى وبدونها من الأجهزة الرقابية في إسرائيل.

ولن ننسى أن إسرائيل هي المبدعة في المنطقة لتجارة أعضاء البشر أحياء أم أمواتاً أرقاء أو أحراراً، لكن كل شي كان يتم في جنح الظلام الى ان تجاوزت الخطوط الحمراء ولم يعد السر سرا بين أسلاك موساد ودهاليز تل أبيب، فعقدت بلدية إحدى محافظات تل أبيب مؤتمرا حول الإتجار بالمرأة.

وشاركت في المؤتمر الفعاليات الإسرائيلية، وعلى رأسها كافة أقسام الشرطة الإسرائيلية وأعلن في هذا المؤتمر ان «الاتجار بالإنسان بدأ يمس بحقوق الإنسان، وإنها في تنامٍ بسبب تغاضي بل تورط بعض الدوائر الحكومية مباشرة في هذه اللعبة القذرة، و لعلها جريمة منظمة ومحمية في غطاء التوظيف في إسرائيل»، وجاء في البيان الختامي إن إسرائيل طرف مباشر بتجارة الرقيق الأبيض في العالم، بمؤسسات صناعة الأفلام الخليعة وبتمويلات رسمية من البنوك.

والتزام الجهات الرقابية الحكومية بالصمت مقابل رشاوى ثقيلة، وأكد البيان الختامي ان كافة الدوائر الرسمية وشبه الرسمية الإسرائيلية ملوثة بشكل أوبآخر في هذه التجارة ورغم ذلك تغض الحكومة عنها النظر بل وتوفر لها الحصانة الأمنية والمالية في إسرائيل» (انتهى البيان) صحيح ان المرأة استٌخدمت عبر التاريخ للتجسس، خاصة في البلدان الأجنبية.

وعلى رأس قائمة تلك الدول أميركا وإسرائيل، كما هي تُستخدم بمساحيقها ومكياجها في عالمنا غلافا وديكورا للسلع، إذن لا جديد ولا خوف من امرأة دخلت المنطقة علنا واسمها:

«تسيبي ليفني» بين سباق السيارات المخفية والمتراصة أصلا في المنطقة، ولعلّها (المكشوفة) تحت أضواء السلطة الرابعة هي الأخفّ وطأة على الأراضي العربية تلك (المخفية) في الطابور الخامس الذي لا يُعرف أين بدايته وأين نهايته ومن المستفيد..؟

يقال إذا أردت ان تعرف القاتل من مسرح الجريمة الغامضة، عليك ان تبحث من هو المستفيد الأول من القتل لتعرف انه الظالم، ومن هو المتهالك الحزين الدايخ لتعرف انه المظلوم .. فيا ترى من هو المستفيد الأول من هذا الطابور ومن هو الدايخ في هذا الطابور؟

كما حصل في نكتة رجل اسمه (دايخ) ركب طائرة، والمضيفة كل نصف ساعة تسأل الركاب: منو دايخ؟ فيرفع الرجل يده فتعطيه المضيفة دواء للدوخة إلى ان داخ الرجل فعلا وسقط مغشيا عليه، ودققوا في جواز سفره فوجدوا اسمه (دايخ)، كذلك أخشى أن يكون المستفيد هذه المرة في هذا الطابور هو الدايخ نفسه.

سيقول احد أن إسرائيل هي المستفيدة والعرب هم الدايخون، وقد يقول آخر لماذا لا تكون المستفيدة هي ذاتها التي تفيد إسرائيل بعد أن تستفيد من القوى الكبرى، وقد يقول رابع وخامس وسادس والى ما لانهاية وكل تلك الأقوال تصب في صيغة واحدة: «لماذا لا تكون دولة أجنبية هي المستفيدة وما أكثرها تلك الدول الأجنبية التي لها مصلحة في عدم استقرار المنطقة، وفي استمرار الصراعات العربية العربية».

ويبدو ان العرب بعد ان ضاقت وملّت من روتين مصطلحات «لاجئون فلسطينيون، أو مخيم اللاجئين وغيرها» بدأت جماعات يهودية على مستوى العالم حملة دولية في وجه العرب، تنادي بمصطلح «لاجئون يهود في الدول العربية» على أنهم ضحايا الصراع بالشرق الأوسط.

وقد عقدت هذه الجماعات في القدس وقبل مغادرة طائرة الوزيرة «تسيبي ليفني» للدوحة بسبعة أيام وبالضبط قبل وقفة أحد اليوم بأسبوع وبالتحديد (الأحد) الماضي 22-10-2006 ليصبح اللبنة الأولى في إطار جهود موحدة لإدراج القضية اليهودية المنافسة للقضية الفلسطينية على جدول الأعمال العالمي.

وقال «ستانلي ايرمان» المدير التنفيذي لمنظمة العدالة ليهود الدول العربية إن «العالم يرى معاناة اللاجئين الفلسطينيين وبالرغم من معاناتهم يجب أن يكون هناك اعتراف بأن اليهود في الدول العربية هم أيضا ضحايا للصراع العربي الإسرائيلي».

ومنظمة العدالة لليهود من الدول العربية هي تحالف مقره الولايات المتحدة للمنظمات اليهودية وهي إحدى الجماعات التي تنسق حملة تهدف إلى تسجيل شهادات اليهود الذين فروا من اضطهاد وتصنف خسائر الأصول وتحشد تأييد الحكومات الغربية نيابة عنهم، وتقدر جماعات يهودية أنه منذ عام 1948 أجبر 900 ألف يهودي على الأقل على ترك منازلهم في دول عربية مثل مصر والعراق وليبيا وسوريا ولبنان واليمن.

وذهب 600 الف على الأقل منهم إلى إسرائيل. فيما لجأ البقية لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى، وتزعم المنظمة العالمية ليهود الدول العربية وهي جماعة أخرى تقود الحملة الجديدة أن اليهود فقدوا أكثر من 100 مليار دولار من أصول شخصية ومشتركة بسبب المصادرات التي قامت بها عدة حكومات عربية.

وفي الوقت الذي ترفع دعاوى لاسترجاع ممتلكات فقدوها خاصة في ليبيا والعراق لم تبذل الجماعات الفلسطينية وقف نهر الدم داخل فلسطين وتمرير ما يطفئ ظمأ اليتيم الفلسطيني من راتب الأب الشهيد او الزوج القعيد، في حين تعمل منظمة العدالة ليهود الدول العربية مع وزارة العدل الإسرائيلية لاسترجاع الورقة اليهودية المزعومة بحجم 100 مليار دولار من بترول العرب..!

وهل فكر العرب يوما بملايين الفلسطينيين الذين فروا أو الذين ينحدرون من نسل هؤلاء النازحين تاركين ديارهم «بشعار حق العودة المزيف» إلى أن أصبحت الآن إسرائيل هي الحقيقة، أو على الأقل بتعويض هامشي عن خسائرهم، ويعيش معظم هؤلاء الفلسطينيون في دول عربية مجاورة لإسرائيل، في حين يرفع «ايرمان» صوته: «لو هناك تعويضات للاجئين الفلسطينيين فيجب أن تكون هناك أيضا تعويضات للاجئين اليهود».

لم أقرأ الى الآن ولم أسمع صوتا عربيا واحد رفع مقابل صوت «أيرمان» وبالعكس قرأت لكاتب فلسطيني مقره بريطانيا وهو مؤلف كتاب عن يهود العراق إنه يجب ألا تقارن معاناة اليهود بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وانه:

«حقوق يهود الشرق الأوسط يجب أن يتم التعامل معها ومناقشتها مع كل الدول العربية المعنية بمساعدة المجتمع الدولي وبعد الاتفاق على تسوية شاملة»، فهل العرب مع الفلسطينيين، أم هل العرب مع العرب على الأقل.؟ لأن في يد العرب وحدهم ان يمحوا عن الخريطة تلك الكارثة المقبلة التي ستقود العرب لحماية العرب ليست من يد اليهود وإنما على يد اليهود.!

وهل في مؤتمر الدوحة اليوم حول «الديمقراطيات الجديدة» من ورقة سحرية جديدة تقول للعرب: « اتحدوا وتضامنوا وانسوا خلافاتكم، ادفنوا ضغائنكم وأحقادكم، وترفّعوا إلى مستوى الأحداث واكبروا مع كل تكبيرة إحرام في وجه كل متكبر متغطرس واخضعوا مع كل ركوع وسجود لجوارك من الخاضعين والخاشعين.

وبما أن «تكبيرة الإحرام» مفتاح صبحيات العربي المسلم وقًفل أمسياته فأنا مؤمن بان وطنيته سوف تتغلب على شهواته، وان حبه للوطن الكبير سوف ينتصر على كراهيته الصغيرة لبعضهم البعض.

ان الشعب العربي يتمنى ان يخرُج العرب من كل مؤتمر صفاً واحداً وأمة واحدة ودولة واحدة .. وعساكم من عواده مع كل مؤتمر سواء دخلته امرأة كاشفة أم نساء منقبات.

تعليقات 1

عبدالهادي - السعودية
يعجز اللسان عن الكلام
في بعض الأحيان ، نُؤثر الصمت لا لشيء ، إلا لأننا لم نستطيع البوح عن مكنوننا أمام هذا العطاء العظيم .
   0 0
أظهر المزيد